كيف تواجه النقد الآثم ؟
الرقعاء السُّخفاء سبّوا الخالق الرّازق جلّ في علاه، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو، فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ؟ إنك سوف تواجه في حياتك حرباً ضروساً لا هوادة فيها من النقد الآثم المر، ومن التحطيم المدروس المقصود، ومن الإهانة المتعمّدة ما دام أنك تُعطي وتبني وتؤثر وتسطع وتلمع، ولن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتفرَّ من هؤلاء، أما وأنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك ويبكي عينيك، ويدمي مقلتك، ويُقِضُّ مضجعَك.
إن الجالس على الأرض لا يسقط، والناس لا يرفسون كلباً ميتاً، لكنهم يغضبون عليك لأنك فُقْتهم صلاحاً، أو علماً، أو أدباً، أو مالاً، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك، وتنخلع من كلّ صفات الحمد، وتنسلخ من كل معاني النّبل، وتبقى بليداً غبيّاً، صفراً محطماً مكدوداً، هذا ما يريدون بالضبط. إذاً فاصمد لكلام هؤلاء ونقدهم وتشويههم وتحقيرهم (اُثبت أحُد) وكن كالصّخرة الصّامتة المهيبة تتكسر عليها حبّات البرد لتثبت وجودها وقُدرتها على البقاء. إنك إن أصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكدير عمرك، ألا )فاصفح الصفح الجميل( ، ألا) فأعرض عنهم( ، )ولا تَكُ في ضَيْقٍ مما يمكرون. ( إن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك، وبقدر وزنك يكون النقد الآثم المفتعل.
إنك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء، ولن تستطيع أن تعتقل ألسنتهم، لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم وتجَنِّيهم بتجافيك لهم، وإهمالك لشأنهم، وإطراحك لأقوالهم )قل موتوا بِغيْظِكم( بل تستطيع أن تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنك وتقويم اعوجاجك. إن كنت تريد أن تكون مقبولاً عند الجميع، محبوباً لدى الكل، سليماً من العيوب عند العالم، فقد طلبت مستحيلاً وأمَّلت أملاً بعيدا.
المرجع:
كتاب لا تحزن للشيخ: عايض بن عبد الله القرني حفظه الله. (ص 17 – 18 ) الطبعة الثالثة.