أخي المسلم:
إن للموت ألماً لا يعلمه إلا الذي يعالجه ويذوقه،
فالميت ينقطع صوته،
وتضعف قوته عن الصياح لشدة الألم والكرب على القلب،
فإن الموت قد هد كل جزء من أجزاء البدن،
وأضعف كل جوارحه،
فلم يترك له قوة للاستغاثة
أما العقل فقد غشيته وسوسة،
وأمااللسان فقد أبكمه،
وأما الأطراف فقد أضعفها،
ويود لو قدر على الاستراحة بالأنين والصياح،
ولكنه لا يقدر على ذلك،
فإن بقيت له قوة سُمع له عند نزع الروح وجذبها خواروغرغرة من حلقه وصدره،
وقد تغير لونه، وأزبد،
ولكل عضو من أعضائه سكرة بعد سكرة،
وكربة بعد كربة،
حتى تبلغ روحه إلى الحلقوم،
فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها،
وتحيط به الحسرة والندامة إن كان من الخاسرين،
أو الفرح والسرور إن كان من المتقين.
قالت عائشة رضي الله عنها:
كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ركوة أو علبة فيها ماء،
فجعل يدخل يده في الماء،
فيمسح بها وجهه ويقول:
{لا إله إلا الله إن للموت سكرات}
[البخاري
وفي لفظ
أنه كان يقول عند موته:
(اللهم أعني على سكرات الموت)
أحمد والترمذي وحسنه الحاكم].
والسكرات هي الشدائد والكربات.
وتشديد الله تعالى على أنبيائه عند الموت رفعة في أحوالهم،
وكمال لدرجاتهم،
ولايفهم من هذا أن الله تعالى شدد عليهم أكثر مما شدد على العصاة والمخلطين،
فإن تشديده على هؤلاء عقوبة لهم ومؤاخذة على إجرامهم،
فلا نسبة بينه وبين هذا.