بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات- Caeoii10

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات- Caeoii10

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بكم جميعا في منتدى أقبلي للتربية والتعليم الابتدائي الذي يفتح لكم ذراعيه لتقضوا معه وقتا ممتعا ومفيدا.

اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله علا نيته وسره فأهلا أنت أن تحمد إنك علي كل شئ قدير ربي.. إلهي .. خالقي ... لا أحد غيرك يأخذ .. ولا أحد غيرك يمنح .. ولا غيرك يضاعف أضعافاً مضاعفة رب اجعلنا ممن يُحسن الظن بك خيرا.


    بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات-

    avatar
    عطار سميرة


    عدد الرسائل : 7
    العمر : 36
    الموقع : وهران
    العمل/الترفيه : مهندسة للاعلام الالي
    نقاط : 9
    تاريخ التسجيل : 14/10/2009

    بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات- Empty بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات-

    مُساهمة من طرف عطار سميرة السبت 17 أكتوبر 2009, 19:09

    بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات- 247740
    هو عبد القادر ابن الأمير محيي الدين الحسيني، يتصل نسبه بالإمام الحسين بن علي ولد في 23 من رجب عام 1222هـ / مايو 1807م، وذلك بقرية "القيطنة" بوادي الحمام من منطقة "وهران" بالمغرب الأوسط أو الجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينة وهران، ولم يكن الوالد هملاً بين الناس، بل كان ممن لا يسكتون على الظلم، فكان من الطبيعي أن يصطدم مع الحاكم العثماني لمدينة "وهران"، وأدى هذا إلى تحديد إقامة الوالد في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة، وكان الإذن له بالخروج لفريضة الحج عام 1241هـ/ 1825م، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبد القادر معه، فكانت رحلة عبد القادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثم العودة إلى الحجاز، ثم العودة إلى الجزائر مارًا بمصر وبرقة وطرابلس ثم تونس، وأخيرًا إلى الجزائر من جديد عام 1828م، فكانت رحلة تعلم ومشاهدة ومعايشة للوطن العربي في هذه الفترة من تاريخه، وما لبث الوالد وابنه أن استقرا في قريتهم "قيطنة"، ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.
    فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "وهران" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسيني" وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة وقبل قيادة الجهاد، فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقبل السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه "علي بن سليمان" ليكون أميرًا على وهران، وقبل أن تستقر الأمور تدخلت فرنسا مهددة السلطان بالحرب، فانسحب السلطان واستدعى ابن عمه ليعود الوضع إلى نقطة الصفر من جديد، ولما كان محيي الدين قد رضي بمسئولية القيادة العسكرية، فقد التفت حوله الجموع من جديد، وخاصة أنه حقق عدة انتصارات على العدو، وقد كان عبد القادر على رأس الجيش في كثير من هذه الانتصارات، فاقترح الوالد أن يتقدم "عبد القادر" لهذا المنصب، فقبل الحاضرون، وقبل الشاب تحمل هذه المسئولية، وتمت البيعة، ولقبه والده بـ "ناصر الدين" واقترحوا عليه أن يكون "سلطان" ولكنه اختار لقب "الأمير"، وبذلك خرج إلى الوجود الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسيني، وكان ذلك في 13 رجب 1248هـ/ نوفمبر 1832م.
    وحتى تكتمل صورة الأمير عبد القادر، فقد تلقى الشاب مجموعة من العلوم فقد درس الفلسفة (رسائل إخوان الصفا - أرسطو طاليس - فيثاغورس) ودرس الفقه والحديث فدرس صحيح البخاري ومسلم، وقام بتدريسهما، كما تلقى الألفية في النحو، والسنوسية، والعقائد النسفية في التوحيد، وايساغوجي في المنطق، والإتقان في علوم القرآن، وبهذا اكتمل للأمير العلم الشرعي، والعلم العقلي، والرحلة والمشاهدة، والخبرة العسكرية في ميدان القتال، وعلى ذلك فإن الأمير الشاب تكاملت لديه مؤهلات تجعله كفؤًا لهذه المكانة، وقد وجه خطابه الأول إلى كافة العروش قائلاً: "… وقد قبلت بيعتهم (أي أهالي وهران وما حولها) وطاعتهم، كما أني قبلت هذا المنصب مع عدم ميلي إليه، مؤملاً أن يكون واسطة لجمع كلمة المسلمين، ورفع النزاع والخصام بينهم، وتأمين السبل، ومنع الأعمال المنافية للشريعة المطهرة، وحماية البلاد من العدو، وإجراء الحق والعدل نحو القوى والضعيف، واعلموا أن غايتي القصوى اتحاد الملة المحمدية، والقيام بالشعائر الأحمدية، وعلى الله الاتكال في ذلك كله".
    دولة الأمير عبد القادر
    وقد بادر الأمير عبد القادر بإعداد جيشه، ونزول الميدان ليحقق انتصارات متلاحقة على الفرنسيين، وسعى في ذات الوقت إلى التأليف بين القبائل وفض النزاعات بينها، وقد كانت بطولته في المعارك مثار الإعجاب من العدو والصديق فقد رآه الجميع في موقعة "خنق النطاح" التي أصيبت ملابسه كلها بالرصاص وقُتِل فرسه ومع ذلك استمر في القتال حتى حاز النصر على عدوه، وأمام هذه البطولة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة معه وهي اتفاقية "دي ميشيل" في عام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأمير يتجه إلى أحوال البلاد ينظم شؤونها ويعمرها ويطورها، وقد نجح الأمير في تأمين بلاده إلى الدرجة التي عبر عنها مؤرخ فرنسي بقوله: "يستطيع الطفل أن يطوف ملكه منفردًا، على رأسه تاج من ذهب، دون أن يصيبه أذى!!".
    وقبل أن يمر عام على الاتفاقية نقض القائد الفرنسي الهدنة، وناصره في هذه المرة بعض القبائل في مواجهة الأمير عبد القادر، ونادى الأمير قي قومه بالجهاد ونظم الجميع صفوف القتال، وكانت المعارك الأولى رسالة قوية لفرنسا وخاصة موقعة "المقطع" حيث نزلت بالقوات الفرنسية هزائم قضت على قوتها الضاربة تحت قيادة "تريزيل" الحاكم الفرنسي.
    ولكن فرنسا أرادت الانتقام فأرسلت قوات جديدة وقيادة جديدة، واستطاعت القوات الفرنسية دخول عاصمة الأمير وهي مدينة "المعسكر" وأحرقتها، ولولا مطر غزير أرسله الله في هذا اليوم ما بقى فيها حجر على حجر، ولكن الأمير استطاع تحقيق مجموعة من الانتصارات دفعت فرنسا لتغيير القيادة من جديد ليأتي القائد الفرنسي الماكر الجنرال "بيجو"؛ ولكن الأمير نجح في إحراز نصر على القائد الجديد في منطقة "وادي تفنة" أجبرت القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة جديدة عُرفت باسم "معاهد تافنة" في عام 1837م.
    وعاد الأمير لإصلاح حال بلاده وترميم ما أحدثته المعارك بالحصون والقلاع وتنظيم شؤون البلاد، وفي نفس الوقت كان القائد الفرنسي "بيجو" يستعد بجيوش جديدة، ويكرر الفرنسيون نقض المعاهدة في عام 1839م، وبدأ القائد الفرنسي يلجأ إلى الوحشية في هجومه على المدنيين العزل فقتل النساء والأطفال والشيوخ، وحرق القرى والمدن التي تساند الأمير، واستطاع القائد الفرنسي أن يحقق عدة انتصارات على الأمير عبد القادر، ويضطر الأمير إلى اللجوء إلى بلاد المغرب الأقصى، ويهدد الفرنسيون السلطان المغربي، ولم يستجب السلطان لتهديدهم في أول الأمر ، وساند الأمير في حركته من أجل استرداد وطنه، ولكن الفرنسيين يضربون طنجة وموغادور بالقنابل من البحر، وتحت وطأة الهجوم الفرنسي يضطر السلطان إلى طرد الأمير عبد القادر، بل ويتعهد للفرنسيين بالقبض عليه.
    يبدأ الأمير سياسة جديد في حركته، إذ يسارع لتجميع مؤيديه من القبائل، ويصير ديدنه الحركة السريعة بين القبائل فإنه يصبح في مكان ويمسي في مكان آخر حتى لقب باسم "أبا ليلة وأبا نهار"، واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات، ولكن فرنسا دعمت قواتها بسرعة، فلجأ مرة ثانية إلى بلاد المغرب، وكانت المفاجأة أن سلطان المغرب وجه قواته لمحاربة الأمير، والحق أن هذا الأمر لم يكن مفاجأة كاملة فقد تعهد السلطان لفرنسا بذلك، ومن ناحية أخرى ورد في بعض الكتابات أن بعض القبائل المغربية راودت الأمير عبد القادر أن تسانده لإزالة السلطان القائم ومبايعته سلطانًا بالمغرب، وعلى الرغم من انتصار الأمير عبد القادر على الجيش المغربي، إلا أن المشكلة الرئيسية أمام الأمير هي الحصول على سلاح لجيشه، ومن ثم أرسل لكل من بريطانيا وأمريكا يطلب المساندة والمدد بالسلاح في مقابل إعطائهم مساحة من سواحل الجزائر: كقواعد عسكرية أو لاستثمارها، وبمثل ذلك تقدم للعرش الإسباني ولكنه لم يتلقَ أي إجابة، وأمام هذا الوضع اضطر في النهاية إلى التفاوض مع القائد الفرنسي "الجنرال لامور يسيار" على الاستسلام على أن يسمح له بالهجرة إلى الإسكندرية أو عكا ومن أراد من اتباعه، وتلقى وعدًا زائفًا بذلك فاستسلم في 23 ديسمبر 1847م، ورحل على ظهر إحدى البوارج الفرنسية، وإذا بالأمير يجد نفسه بعد ثلاثة أيام في ميناء طولون ثم إلى إحدى السجون الحربية الفرنسية، وهكذا انتهت دولة الأمير عبد القادر، وقد خاض الأمير خلال هذه الفترة من حياته حوالي 40 معركة مع الفرنسيين والقبائل المتمردة والسلطان المغربي.
    الأمير الأسير
    ظل الأمير عبد القادر في سجون فرنسا يعاني من الإهانة والتضييق حتى عام 1852م ثم استدعاه نابليون الثالث بعد توليه الحكم، وأكرم نزله، وأقام له المآدب الفاخرة ليقابل وزراء ووجهاء فرنسا، ويتناول الأمير كافة الشئون السياسية والعسكرية والعلمية، مما أثار إعجاب الجميع بذكائه وخبرته، ودُعي الأمير لكي يتخذ من فرنسا وطنًا ثانيًا له، ولكنه رفض، ورحل إلى الشرق، حيث استنانبول والسلطان عبد المجيد، والتقى فيها بسفراء الدول الأجنبية، ثم استقر به المقام في دمشق منذ عام 1856م وفيها أخذ مكانة بين الوجهاء والعلماء، وقام بالتدريس في المسجد الأموي كما قام بالتدريس قبل ذلك في المدرسة الأشرفية، وفي المدرسة الحقيقية.
    وفي عام 1276/1860 تتحرك شرارة الفتنة بين المسلمين والنصارى في منطقة الشام، ويكون للأمير دور فعال في حماية أكثر من 15 ألف من النصارى، إذ استضافهم في منازله.
    وفاته
    وافاه الأجل بدمشق في منتصف ليلة 19 رجب 1300هـ/ 24 من مايو 1883 عن عمر يناهز 76 عامًا، وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية.
    من مؤلفات الأمير عبد القادر
    1 - "المقراض الحاد لقطع لسان الطاعن في دين الإسلام من أهل الباطل والإلحاد" وهي رسالة كتبها في سجنه بفرنسا.
    2 - "ذكرى العاقل وتنبيه الغافل" وهي رسالة للأكاديمية الفرنسية عندما انتخبته عضوًا فيها.
    3 - "المواقف" وهو في التصوف.
    4 - تعليقات على حاشية جده "عبد القادر بن خدة" في علم الكلام.!
    5 - رسائل وإجابات على أسئلة في العديد من الموضوعات والفنون

    الشيخ عبد الـحميد بن باديس
    الـمــربي و الـمصلـح الديـنـي
    بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات- 247740
    ولد عبد الـحميد بن باديس، رئيس جمعية العلـماء الـمسلـمين الـجزائريين وأحد أعلام الـحركة الإصلاحية الإسلامية في الـجزائر خلال النصف الأول من القرن العشرين، يوم 5 ديسمبر 1889 بقسنطينة حيث وافته الـمنية يوم 16 أبريل1940 ، كان ينحدر من عائلة عريقة تعود أصولها إلى بني زيري .وبلوغين بن زيري، مؤسس الـجزائر العاصــمة، أحد أشهــر أعضــاء هــذه العائلــة الأميرية. و قد حفظ عبد الـحميد بن باديس القرآن في مسقط رأسه، وفقا للـمناهج التقليدية، كما تعلـم قواعد اللغة والأدب العربي وأصول العلوم الإسلامية.
    وقد أوكلت مهمة تعليمه وتهذيبه، وهو لا يزال طفلا، إلى حمدان لونيسي، وكان من أتباع الطريقة التيجانية الصوفية، وكان تأثيره عظيـما مستديـما على الشيخ بن باديس. هذا الأخير، الذي انتسب، ابتداء من سنة 1908 ، إلى جامعة الزيتونة، بتونس، تأثر هناك كذلك، بأساتذته خاصة منهم الطاهر بن عاشور، من أتباع الـحركة السلفية الإصلاحية الداعية إلى العودة إلى إسلام مطهر من كل ما شابه من شوائب وهي الـحركة التي انتشرت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر في الشرق الأدنى وفي مصر. وبعد حصوله على الشهادة سنة 1912، مارس عبد الـحميد بن باديس التعليم بالزيتونة لـمدة سنة، وفقا لـما كان متعارفا عليه في هذه الـجامعة التونسية.
    بعد أدائه مناسك الـحج بـمكة الـمكرمة والـمدينة الـمنورة، حيث توجه إثر انتهاء دراسته في تونس، تعرف عن كثب على حركة الوهابيين الإصلاحية الـمتشددة وهي في أوج انتشارها بالبقاع الـمقدسة. واجتـمع مجددا، خلال إقامته بالـمدينة الـمنورة، بحمدان لونيسي، أول أساتذته، الذي انتقل للإقامة بـمدينة الرسول صلى الله عليه وسلـم، حيث باشر تعميق معارفه على يديه وعلى يد أساتذة آخرين.
    بعد عودته إلى الـجزائر، امتهن بادئ الأمر، من سنة 1913 إلى سنة 1925، التعليم والتنشيط الثقافي، قبل أن يكرس طاقته ويوجهها لإصلاح الـممارسات الدينية السائدة في البلاد. وخلافا للرأي الذي أشاع له مؤرخون وناشرون، فإن الـحركة الإصلاحية الدينية في الـجزائر لـم تولد من العدم على أيدي ابـن باديس ورفاقه.ذلك أن نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قد شهدتا بروز مفكرين إصلاحيين تـمثلهم مجموعة من العلـماء والأساتذة الـمقتدرين بالـجزائر العاصمة وقسنطينة وتلـمسان وغيرها، من أمثال الشيخ مجاوي والشيخ بن سماية والشيخ بن على فخار، الذين أدانوا الـممارسات الظلامية لبعض الطرق الدينية وتلك الـمتصلة بـمن كانوا يعتبرون أولياء صالـحين، لورعهم أو نسبهم. كما نددوا بسيطرة إدارة الإحتلال على الشؤون الدينية والإسلامية. وقد التقى الشيخ محمد عبده، خلال زيارته سنة 1905 إلى الـجزائر العاصمة وقسنطينة، بالعديد من هؤلاء العلـماء الـمعلـمين.
    وقد تطورت الـحركة الإصلاحية في الـجزائر ما بين الـحربين العالـميتين بفـضل ما بذله ابن باديس ومجمـوعة مـن أتبـاعه الأوفياء، من قدامى تلاميذه ومن رفاق له تلقوا، في معظمهم، تكوينهم بتونس أو في الشرق الأوسط. وقد استرشدت هذه الـحركة بفكر ونشاط محمد عبده ورشيد رضا، لكنها اتسمت، كذلك، بـميسم أفكار الوهابيين الـمتزمتة، بل الـمتشددة في أحيان كثيرة، حيث أخذت عنهم عديد الأفكار والـممارسات.
    وكان هدف ابن باديس، العقل الـمدبر والقائد الـمنشط لهذه الكوكبة، الذي اجتـمعت فيه صفات النزاهة والأمانة الفكرية اللامتناهية والذي هام حبا بالـجزائر ولغتها ودينها، هو تطهير الإسلام الـجزائر من كافة الـممارسات التي لا تتفق مع القرآن والسنة من حيث هما الـمصدران الوحيدان للعقيدة الإسلامية. هؤلاء الرجال الـمتفانين والـمتطوعين كانوا يرومون جميعهم، عن طريق التربية والكتاب والصحافة، بعث سنة السلف الصالـح في عهود الإسلام الزاهـرة الأولى، مع تكييفها مع ما تقتضيه آفاق التفتـح على حداثة معتدلة. كان على الـمسلـمين، في نظرهم، أن يجعلوا السلف الصالـح مثلهم الأعلى فأطلقوا على أنفسهم، اسم السلفية، مثلـما كان الـحال في الشرق الأوسط. كما عرفوا باسم الإصلاحية.

    حال عودته إلى البلاد إذن، ومن 1913 إلى 1925، خصص عبد الـحميد بن باديس جهوده وما أوتي، كمربٍ، من ملكات ومواهب، للتعليم، بدءا من العلوم التربوية كالأدب والتاريخ والـجغرافيا إلى العلوم الـمدنية والدينية. وكان يوجه نشاطه التربوي نحو الشباب، ذكورا وإناثا، والكبار، على حد سواء :
    ففي سنة 1917، افتتـح درسا عموميا بـمسجد سيدي قموش بقسنطينة.
    كان ينظم، بـمقر رابطة الإغاثة الإسلامية بقسنطينة، وبـمساعدة تلامذته، دروسا مسائية للكبار. وكان برنامج الدراسة يتضمن تعليم اللغتين العربية والفرنسية.
    سنة 1918، أبان ابن باديس عن قدرته التنظيـمية الفائقة بإرسال الدفعة الأولى من الطلبة الـجزائريين إلى جامعة الزيتونة بتونس، وكان الـمأمول أن يصبحوا إطارات للتعليم الـحر، فاتـحين الـمجال لبعثات دراسية مبرمجة دوريا.
    - شجع ونظم و أشرف على بروز العديد من الفرق الـموسيقية والـمسرحية والأندية الرياضية عبر التراب الوطني.
    - كان من بين أوائل القادة الذين أدركوا مدى الـمساهمة التي يـمكن للـحركة الكشفية تقديـمها في تأطير الشباب وهيكلته ضمن منظمات جماهيرية.
    ومن جهة أخرى، ظهرت شيئا فشيئا إلى الوجود، بإيعاز منه وتـحت إشرافه، مراكز ثقافية كان أشهرها نادي الترقي بالـجزائر العاصمة الذي كان يشرف على إدارته الطيب العقبي، أحد رفاق الأستاذ الأوفياء.
    لقد اتـخذ نشاط الـمجموعة من أجل إحياء الـمسلـمين الـجزائريين أخلاقيا، وبعث إسلام أصيل في نظرها، وتأكيد الشخصية العربية الإسلامية للشعب الـجزائري أشكال عدة. كما تـخندقت، للدفاع عن مثلها، في خندق الصحافة.
    من الصدور ابتداء هكذا قام عبد الـحميد بن باديس، ابتداء من سنة 1925، بنشر جريدة الـمنتقد وفي أعمدتها باشر، هو و رفاقه، نشر الأفكار الإصلاحية. ومنعت الـجريدة من عددها رقم 18 لأنها كانت، في رأي الإدارة الاستعمارية، تـحريضية. لكن ابن باديس بقي على إصراره وأصدر بعدها عدة منشورات دورية، تبقى أشهرها الشهاب، التي صدرت من 1925 إلى1939، حيث قرر الشيخ إيقافها تـخوفا، حسب ما يراه بعض الـمؤرخين لسيرته الذاتية، من أن يضطر إلى اتـخاذ موقف لصالـح هذا أو ذاك من الطرفين الـمتصارعين في أوروبا.

    ثاني وسيــلة استعملـها ابن بــاديس ورفــاقه كانــت إنشــاء الـمدارس لتعليم اللغة العربية ومبادئ إسلام مجدد.
    وإذا كانت جريدة "الشهاب" تعلن عن إنشاء 70 مدرسة، إلى غاية سنتي 1934 - 1935، مكونة من قسم أو قسمين وموزعة على مختلف جهات الوطن، يدرس فيها 3000 تلـميذ، فإن جمعية العلـماء، التي تـم إنشاؤها سنة 1931، قد نشرت، سنة 1950، قائمة من 124 مدرسة، بها سلك تربوي يضم 274 معلـما. وأعلنت نفس الـجمعية، سنة 1954، عن عدد 40000 تلـميذ يرتادون مؤسساتها الـمدرسية. وكانت قد أنشأت، سنة 1947، بقسنطينة، معهد ابن باديس الثانوي الذي كان يتولى تكوين الـمعلـمين والطلبة الـمدعوين إلى مواصلة تعليمهم في فاس وتونس والشرق الأوسط.
    وقصد جمع كافة الإرادات الـحسنة التي رمت بثقلها في الكفاح من أجل تـجديد الإسلام، انضم ابن باديس ورفاقه، سنة 1931، لشيوخ أهم الطرق الدينية و أنشأوا جمعية العلـماء الـمسلـمين الـجزائريين. تـم انتـخاب عبد الـحميد بن باديس رئيسا لـجمعية العلـماء الـمسلـمين الـجزائريين خلال اجتـماع للـجمعية العامة التأسيسية، بنادي الترقي، بالـجزائر العاصمة، سنة 1931، ضم رفاق وتلامذة الشيخ وأتباعه ومندوبين من داخل البلاد. وكان مجلس الإدارة الأول للـجمعية يضم: الطيب العقبي، مبارك الـميلي، البشير الإبراهيـمي والعربي التبسي.
    وهكذا، فقد استـحوذ الإصلاحيون على أهم الـمناصب في الـجمعية وهمشوا، بسرعة، مــمـثلي الطرق. بعد سنة واحدة، تـمت القطيعة مع شيوخ الطرق الذين شكلوا، بدورهم، جمعية علـماء الـجزائر السنيين. وقد أدى الصراع الـمفتوح والقطيعة بين الـمجموعتين الـمتعارضتين، العلـماء الإصلاحيين من جهة، وشيوخ الطرق والزوايا من جهة أخرى، إلى زرع البلبلة في أوساط الشعب، خاصة منه الفلاحين وسكان الـمناطق الداخلية الـمتـميزين ببساطتهم الطبيعية في أداء الشعائر الدينية والذين كانوا لا يزالون جد متـمسكين بزواياهم، خاصة و أن هذه الزوايا كانت لها سلطة روحية معتبرة ونفوذا عميقا فيـما يتصل بالـمسائل الدنيوية : التعليم، التـحكيـم، الضيافة، الأعمال الـخيرية.....
    ينبغي التأكيد على أن الإصلاحيين قد أبانوا، مبكرا، عن وطنية معتدلة تقترب من وطنية أتباع حزب بيان الشعب الـجزائري لفرحات عباس، على الأقل فيما يتعلق بإشكالية انعتاق الشعب الـجزائري وأنهم قد تطلعوا باستمرار إلى تغيير للسياسة الاستعمارية الفرنسية. كان شعارهم هو الثلاثية : "الإسلام ديننا، العربية لغتنا والـجزائر وطننا".
    كان نهج الإصلاح الإسلامي، إصلاح العلـماء الـمجتـمعين حول الـمعلـم القائد، ابن باديس، يقوم أساسا على العودة إلى الـمرجعين الأساسيين للإسلام : القرآن والسنة. فكانوا يدعون إلى إحياء الإسلام، وأعمالهم التي كانت تتـخذ مرجعا دائما لها إسلام السلف الصالـح الـمطهر من البدع الـمذمومة، كانت هجوما مركزا على كافة الأوساط التقليدية، الـمتهمة بنشر صوفية ظلامية، راجعة القهقرة، متناقضة وقيـم الإسلام الأصيلة. وكانوا ينددون، بوجه أخص، بالتبجيل الذي كان يحظى به الأولياء الصالـحون ويتهمون شــيوخ وأتبــاع الزوايا والطرق بالشعوذة وكتابة التـمائم وحتى بالشرك. وكانوا يقدمونهم على أنهم مستغلون للشعب ومستغلون، دون وازع ولا رادع، لسذاجة سكان الريف.
    وإذا كان ابن باديس نفسه، الذي يقدم على أنه متصوف، لـم يعتـمد دائما القسوة تـجاه الطرق الدينية بحكم تـحليه بفضائل الاستماع والتسامح التي تليق بواحد من أتباع ابن عربي وجلال الدين الرومي، فإن أعضاء آخرين في الـجمعية أظهروا، عكس ذلك، تشددا عقائديا أدى إلى انقسام بعض مدن البلاد إلى معسكرين متعارضين تـحدث بينهما مواجهات حول علوم الدين والأخلاق والـممارسة اليومية للشعائر الدينية. وقد قادوا، مرارا، حملات قاسية، بل عمدوا في بعض الأحيان إلى الشتـم والتـجريح والتشهير والسخرية ضد أتباع الـممارسات الدينية الشعبية.
    ولـم تسلـم من هذه الـحملة بعض الزوايا التي كان على رأسها رجال خيّرون، حقيقـون بالإشـادة والتنــويه. وقام بعض شيوخ الزوايا، توخيا للـحفاظ على سلطتهم وما كانوا يتـمتعون به من مزايا، بالتقرب من الإدارة الاستعمارية التي عرفت كيف تستعيدهم وتستعملهم، بطريقة ماكيافلية، ضد العلـــماء الإصلاحــيين والأحزاب الداعية إلى الاستقلال، على حد سواء.
    وشيئا فشيئا، وحتى يتـجنب الإجراءات العقابية للـحكم الاستعماري التي كان يجسدها الـمنع الـمتكرر لصدور الـجرائد ومنع تعليم اللغة العربية، فإن ابن باديس قد امتنع تكتيكيا، في برامج نشاطه وفي جهوده الرامية إلى تـحقيق انعتاق الشعب الـجزائري، امتنع عن التطرق إلى الآفاق والأهداف السياسية. ولـم ينفك، هو ورفاقه، ينادون بالانتماء العربي الإسلامي للشعب الـجزائري. وجندوا نفسهم لـخدمة الوطن عن طريق التعليم ونشر الثقافة العربية الإسلامية. وموقف التـحصن الثقافي الـماهر هذا الذي تبناه ابن باديس ورفاقه قد وقف سدا في وجه ممارسات الـمحتل وتصرفات الآباء البيض الرامية إلى استلاب الشعب وإحداث القطيعة بينه و بين هويته ورصيده الـحضاري. و سينجح الـمسعى الشجاع للـمصلـحين الدينيين في كبح ما كان يتعرض له الشعب الـجزائري من طمس لشخصيته و تفريق لصفوفه. وقد كان النجاح، بـما لا يدع مجالا للتشكيك، حليف هذا الكفاح الـمتستر ضد العرقية و الـجهوية، ضد الأدواء والآفــات التي اختلقــتها وحفـزتها وأذكتــها العقول الـمدبرة للاستعمار. وهكذا، شاركت الـحركة الإصلاحية، التي أطلقها ونشطها ابن باديس، دون أن تعلن أبدا موقفها صراحة من استقلال الـجزائر، شاركت في تـجذير الوطنية التـحررية وفي توسيع رقعة مقاومة الـممارسات الاستعمارية الفرنسية الرامية إلى تـمديد الاحتلال الإمبريالي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
    وكان الهدف الأسمى لقائد الإصلاح الديني هو الـمحافظة على شخصية الـجزائر، موحدة ومتـجانسة وجزءا لا يتـجزأ، في كنف خصوصياتها العرقية، الدينية والثقافية.
    إن انعدام الانتماء السياسي لابن باديس، الواضح والـجلي على الأقل في بدايات نشاطه، لـم يـمنعه من الاضطلاع بدور الصدارة في تنظيم ونشاط الـمؤتـمر الإسلامي الـجزائري الذي انعقد في يونيو 1936 بالـجزائر العاصمة وضم التيارات السياسية الرئيسية في البلاد، باستثناء دعاة الاستقلال، وطالب الـمؤتـمر بـمنح الـجنسية الفرنسية، مع الاحتفاظ بقانون الأحوال الشخصية، لنخبة من 20000 جزائري، أي لفئة اجتـماعية مكونة من الـحائزين على الشهادات ومن الـموظفين الـمتعلـمين الذين كان بإمكانهم، بالتالي، الـمشاركة في مختلف الانتخابات، مع الـمنتـخبين الأوروبيين أو الأقدام السوداء. ورغم اعتدال الـمطالب الهادفة إلى تـحسين الوضع الـمزري للشعب الـجزائري، فإن الـمعمرين والإدارة الاستعمارية قد أجهضوا، بكل ازدراء، هذا الـمشروع.
    عند وفاته، سنة 1940، خلف ابن باديس العديد من التلاميذ والأتباع والرفاق الذين حاولوا مواصلة عمله. وكان أشدهم وفاء واستـماتة في سبيل استقلال الوطن هو، بلا منازع، الشيخ العربي التبسي. وقد اختطفته الشرطة الفرنسية خلال حرب التـحرير الوطنية ولـم يتـم أبدا العثور على جثته.
    وخلافا لبعض أعضاء جمعية العلـماء الـمسلـمين الـجزائريين، فإن ابن باديس لـم يلـجأ أبدا إلى العنف الكلامي مع الـمناوئين له، حتى شيوخ الزوايا منهم. لقد كان أكثر طمأنينة وتسامحا وتفتـحا من العديد من رفاقه وكان يتـحلى بالتواضع ونكران الذات والزهد طوال حياته كمفكر ملتزم بالـجبهات التي فتـحها. كان يريد أن يضم الأوساط الـمعادية والـمشككين واللامبالين إلى مشروعه العظيـم الـمتـمثل في مجتـمع أخضعت أسسه الدينية والثقافية للإصلاح. واتـخذ نفس الـموقف الـمتسامح والـحليـم مع الأعراق والديانات الأخرى في البلاد، فلـم يتـخل أبدا عن إنسانية عميقة كان ينهلها أساسا من معتقداته الدينية و من التعاليـم الثمينة التي زودته بها محصلته الثقافية التي جمعها و هو بعد شاب يافع، في بلده أولا، ثم خلال رحلاته التعليمية في الوطن العربي.
    وتـخليدا لذكرى إمام القرن، الشيخ عبد الـحميد بن باديس، وتكريـما لـمآثره و هو الـمربي العظيـم و أحد أبرز رجالاتنا، قررت السلطات العمومية أن يكون يوم 16 أبريل يوما للعلـم.
    1 - آثاره « باللغة العربية ».
    - مبادئ الأصول : نص قدمه و حققه عمار طالبي - الشركة الوطنية للنشر و التوزيع - الـجزائر، 1980 - 48 صفحة.
    - العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية - قدمه وعلق عليه محمد حسن فضلاء، دار البعث، قسنطينة، 1985 - 120 صفحة.
    - آثار عبد الـحميد بن باديس - وزارة الشؤون الدينية - الـجزائر، 1985 - 4 أجزاء.
    - مجالس التذكير، وزارة الشؤون الدينية - الـجزائر، 1991.
    2 - الأعمال النقدية لـمؤلفاته « باللغة الفرنسية ».
    - علي مراد : ابن باديس، مفسر القرآن الكريـم، جوتنر - باريس 269 صفحة، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الـجزائر، 1971، 269 صفحة. - علي مراد : « الإصلاح الإسلامي في الـجزائر من 1925 إلى 1940، » باريس، موتون - 1967 - 474 صفحة.
    avatar
    عطار سميرة


    عدد الرسائل : 7
    العمر : 36
    الموقع : وهران
    العمل/الترفيه : مهندسة للاعلام الالي
    نقاط : 9
    تاريخ التسجيل : 14/10/2009

    بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات- Empty رد: بحوث تربوية في مواد متنوعة -حديقة المعلومات-

    مُساهمة من طرف عطار سميرة السبت 17 أكتوبر 2009, 19:15

    الحمد لله والشكر لله على هذه النعمة التى هي العلم و المعرفة اللهم يارب زدنا علما لا تنسوا الدعاء بالهداية و الطريف المنير امين يارب

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 07 مايو 2024, 00:33