إضراب أم عصيان؟
تعفنت أوضاع التمدرس هذه السنة بفعل انزلاق إضراب الأساتذة خاصة في الطور الثانوي إلى ما يمكن وصفه بإعلان عصيان بعد أن سجلت حالة من اللااستقرار الذهني في أوساط التلاميذ الذين اختلطت عليهم الأمور وأصبح الأولياء يعيشون قلقا لا يقل خطورة، نظرا للنتائج المتدنية التي تحصل عليها الأبناء في الفصل الأول، في حين أن بعض مسؤولي الإدارة التربوية عبر عدة ثانويات راحوا يتعاملون مع وضعية ضعف النتائج كأنه أمر يتعلق بالتلاميذ لوحدهم وهم الذين لم يتمكنوا من متابعة فصل دراسي منتظم وهادئ إلى درجة أن الصفوف الأولى ثانوي دخلوا في متاهات تتطلب إجراءات علاجية ذكية بيداغوجية ونفسية وليس اللجوء إلى قرارات فوقية لا تتعدى مجرد ملء ساعات بالحشو البيداغوجي أو الاعتداء على أوقات العطل للتلاميذ، كما جرى في الفصل الأول، بعيدا عن رؤية بيداغوجية هادفة.
وما يزيد من درجة خطورة المسألة غموض الموقف من ناحية جمعيات أولياء التلاميذ التي لا تكاد تبادر بعمل أكثر حيوية على الصعيد المحلي وحتى بالنسبة للفيدرالية التي ينبغي أن تحافظ على استقلاليتها تجاه مختلف الأطراف والسعي إلى تحويل جمعيات الأولياء إلى أطر جوارية أكثر فعالية، بعيدا عن أي انزلاق لأهداف أخرى لا علاقة لها بالتربية والتعليم وتفادي الارتماء في حضن أي كان.
إنها مسؤولية الجميع طالما أن المسألة تتعلق بمصير منظومة المدرسة العمومية في الوقت الذي تعرف فيه مثيلاتها الخاصة استقرارا ونموا، مما يعرض الجيل التربوي برمته إلى خطر إنتاج جيل بسرعتين واحد ضحية ثقافة اللاحوار وآخر مستفيد من التحولات العنيفة وغير المتوازنة للمجتمع، بينما من واجب الدولة أن لا تبقى تترقب هلال العيد على حساب ملايين الأطفال لذلك فإما أن تجري معالجة الموقف بالمسؤولية من كافة الأطراف أو تبادر باعتبارها المسؤول الأول على مصير السير الحسن للمرفق التربوي العام باتخاذ الإجراءات المناسبة في إطار الاحترام الصارم والشفاف للقانون، علما أن الموضوع تحول إلى مسألة نظام عام.
بالفعل إذا كان من حق الأساتذة أن يرفضوا التحول إلى رهائن لدى الوزارة المعنية، فمن حق الآباء والتلاميذ أنفسهم رفض التحول إلى رهائن، الأمر الواقع في قبضة الأساتذة مع التنويه إلى ضرورة توجيه أسمى عبارات التقدير والتثمين لأولئك الأساتذة الذين فضلوا التزام المرونة والصبر وتفضيل الرهان على الوقت لبلوغ الأهداف المشروعة ومن ثمة عدم ركوب موجة إضراب يبدو في الظاهر اجتماعي مهني وفي الباطن أصبح يثير تساؤلات، إن كان لا يحمل غايات غير معلنة تتعدى مصالح الأسرة التربوية.
المعروف أن امتهان التعليم لا يحقق لأصحابه الرفاهية كما يحققها من امتهنوا ''البزنسة'' والفساد واللصوصية مع التأكيد على أهمية النهوض بأوضاع المعلم ولذلك لا عيب في اللجوء إلى تغيير المهنة وهناك الكثيرين ممن غادروا التعليم وفضلوا العمل في قطاعات أخرى ولذلك، هل يعقل اليوم أن تستمر المهزلة من كل الأطراف بين مكرسي العصيان غير المعلن وراء إضراب فقد معناه والمتفرجين على وضع لا يمكن أن يستمر طالما الموضوع يخص أجيالا ليست معنية بأسباب الخلاف أم لأن أبناء من يمكنهم تغيير الوضع يجلسون في مقاعد المدرسة الخاصة والأولياء لا يعنيهم الأمر؟.
http://www.ech-chaab.com/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=9497&Itemid=154
تعفنت أوضاع التمدرس هذه السنة بفعل انزلاق إضراب الأساتذة خاصة في الطور الثانوي إلى ما يمكن وصفه بإعلان عصيان بعد أن سجلت حالة من اللااستقرار الذهني في أوساط التلاميذ الذين اختلطت عليهم الأمور وأصبح الأولياء يعيشون قلقا لا يقل خطورة، نظرا للنتائج المتدنية التي تحصل عليها الأبناء في الفصل الأول، في حين أن بعض مسؤولي الإدارة التربوية عبر عدة ثانويات راحوا يتعاملون مع وضعية ضعف النتائج كأنه أمر يتعلق بالتلاميذ لوحدهم وهم الذين لم يتمكنوا من متابعة فصل دراسي منتظم وهادئ إلى درجة أن الصفوف الأولى ثانوي دخلوا في متاهات تتطلب إجراءات علاجية ذكية بيداغوجية ونفسية وليس اللجوء إلى قرارات فوقية لا تتعدى مجرد ملء ساعات بالحشو البيداغوجي أو الاعتداء على أوقات العطل للتلاميذ، كما جرى في الفصل الأول، بعيدا عن رؤية بيداغوجية هادفة.
وما يزيد من درجة خطورة المسألة غموض الموقف من ناحية جمعيات أولياء التلاميذ التي لا تكاد تبادر بعمل أكثر حيوية على الصعيد المحلي وحتى بالنسبة للفيدرالية التي ينبغي أن تحافظ على استقلاليتها تجاه مختلف الأطراف والسعي إلى تحويل جمعيات الأولياء إلى أطر جوارية أكثر فعالية، بعيدا عن أي انزلاق لأهداف أخرى لا علاقة لها بالتربية والتعليم وتفادي الارتماء في حضن أي كان.
إنها مسؤولية الجميع طالما أن المسألة تتعلق بمصير منظومة المدرسة العمومية في الوقت الذي تعرف فيه مثيلاتها الخاصة استقرارا ونموا، مما يعرض الجيل التربوي برمته إلى خطر إنتاج جيل بسرعتين واحد ضحية ثقافة اللاحوار وآخر مستفيد من التحولات العنيفة وغير المتوازنة للمجتمع، بينما من واجب الدولة أن لا تبقى تترقب هلال العيد على حساب ملايين الأطفال لذلك فإما أن تجري معالجة الموقف بالمسؤولية من كافة الأطراف أو تبادر باعتبارها المسؤول الأول على مصير السير الحسن للمرفق التربوي العام باتخاذ الإجراءات المناسبة في إطار الاحترام الصارم والشفاف للقانون، علما أن الموضوع تحول إلى مسألة نظام عام.
بالفعل إذا كان من حق الأساتذة أن يرفضوا التحول إلى رهائن لدى الوزارة المعنية، فمن حق الآباء والتلاميذ أنفسهم رفض التحول إلى رهائن، الأمر الواقع في قبضة الأساتذة مع التنويه إلى ضرورة توجيه أسمى عبارات التقدير والتثمين لأولئك الأساتذة الذين فضلوا التزام المرونة والصبر وتفضيل الرهان على الوقت لبلوغ الأهداف المشروعة ومن ثمة عدم ركوب موجة إضراب يبدو في الظاهر اجتماعي مهني وفي الباطن أصبح يثير تساؤلات، إن كان لا يحمل غايات غير معلنة تتعدى مصالح الأسرة التربوية.
المعروف أن امتهان التعليم لا يحقق لأصحابه الرفاهية كما يحققها من امتهنوا ''البزنسة'' والفساد واللصوصية مع التأكيد على أهمية النهوض بأوضاع المعلم ولذلك لا عيب في اللجوء إلى تغيير المهنة وهناك الكثيرين ممن غادروا التعليم وفضلوا العمل في قطاعات أخرى ولذلك، هل يعقل اليوم أن تستمر المهزلة من كل الأطراف بين مكرسي العصيان غير المعلن وراء إضراب فقد معناه والمتفرجين على وضع لا يمكن أن يستمر طالما الموضوع يخص أجيالا ليست معنية بأسباب الخلاف أم لأن أبناء من يمكنهم تغيير الوضع يجلسون في مقاعد المدرسة الخاصة والأولياء لا يعنيهم الأمر؟.
سعيد بن عياد
جريدة الشعب يوم 09/03/2010
http://www.ech-chaab.com/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=9497&Itemid=154