بسم الله الرحمن الرحيم
من كتاب:
تزكية النفوس وتربيتها كما يقرره علماء السلف (ابن رجب الحنبلي – ابن القيم – أبي حامد الغزالي)، جمع وترتيب: الدكتور أحمد فريد، تحقيق ماجد بن أبي الليل، دار القلم بيروت لبنان.
بعض الآثار عن الإخلاص:
قال الفضيل: أصل الزّهد: الرّضا عن الله عزّ وجلّ، وقال: القنوع هو الزّاهد، وهو الغني، فمن حقّق اليقين، وثق بالله في أموره كلّها، ورضي بتدبيره له، وانقطع عن التّعلّق بالمخلوقين رجاءً وخوفاً، ووضعه ذلك من طلب الدّنيا بالأسباب المكروهة، ومن كان كذلك كان زاهدا حقاًّ، وكان من أغنى النّاس، وإن لم يكن له شيء من الدّنيا. كما قال عمّار: ـ رضي الله عنه ـ: ( كفى بالموت واعظا، وكفى باليقين غنى، وكفى بالعبادة شغلا).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (اليقين أن لا ترضي النّاس بسخط الله، ولا تحسد أحدا على رزق الله، ولا تلم أحدا على ما لم يؤتك الله، فإنّ رزق الله لا يسوقه حرص حريص، ولا يردّه كراهية كاره، فإنّ الله بقسطه، وعلمه، وحكمته، جعل الرّوح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهمّ والحزن في السّخط والشّكّ). (ص: 65، 66).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسئل بعضهم عمن معه مال هل يكون زاهدا؟، قال: (إن كان لا يفرح بزيادته، ولا يحزن بنقصه فهو زاهد). (ص: 66).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الحسن البصري: ( أدركت أقواما وصحبت طوائف، ما كانوا يفرحون بشيء من الدّنيا أقبل، ولا يأسفون على شيء منها أدبر، ولهي كانت في أعينهم أهونَ من التّراب، كان أحدهم يعيش خمسين سنة أو ستّين سنة لم يطو له ثوب، ولم ينصب له قدر، ولم يجعل بينه وبين الأرض شيئا، ولا أمر من في بيته بصنعة طعام قط، فإذا كان الليل فقيام على أقدامهم، يفترشون وجوههم، تجرى دموعهم على خدودهم، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، كانوا إذا عملوا الحسنة دأبوا في شكرها، وسألوا الله أن يقبلها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله أن يغفرها لهم، فلم يزالوا على ذلك، ووالله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا إلا بالمغفرة، رحمة الله عليهم ورضوانه). (ص: 67).