علماء الدنيا وعلماء الآخرة
ما أقل العلماء حقاً، وما أكثر من يدعون العلم في هذا العصر، فكيف نعرف علماء السوء وعلماء الآخرة؟ هذا ما وضحه الإمام ابن قدامة المقدسي في كتابه (مختصر منهاج القاصدين) حيث ذكر أن علماء السوء: هم الذين قصْدُهم من العلم التنهم بالدنيا، والتوصل إلى منزلة عند أهلها. وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" (رواه أبو داود وغيره وصححه الذهبي) وعرفها: ريحها. وفي حديث آخر أنه قال:"من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فهو في النار" (رواه الترمذي) وفي ذلك أحاديث كثيرة.
وقال بعض السلف: أشد الناس ندامة عند الموت عالم مفرط.
أما صفات علماء الآخرة فمنها أنهم يعلمون أن الدنيا حقيرة، وأن الآخرة شريفة، لذلك فهم يؤثرون الآخرة على الدنيا، ولا تخالف أفعالهم أقوالهم، ويكون ميلهم إلى العلم النافع في الآخرة، ويجتنبون العلوم التي يقل نفعها إيثاراً لما يعظم نفعه.
ومن صفات علماء الآخرة: اتباع الصحابة وخيار التابعين، ومنها أن يكونوا منقبضين عن السلاطين، متحرزين من مخالطتهم.
قال حذيفة رضي الله عنه إياكم ومواقف الفتن، قيل وما هي؟ قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه. وقال بعض السلف:"إنك لا تصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينك أفضل منه".
ومن صفاتهم: ألا يتسرعوا إلى الفتوى ولا يفتوا إلا بما يتيقنون صحته، وكان السلف يتدافعون الفتوى حتى ترجع إلى الأول.
ومن صفاتهم البحث عن أسرار الأعمال الشرعية والملاحظة لحِكَمها، فإن عجزوا عن الاطلاع على العلة كفاهم التسليم للشرع .
المرجع: جريدة البصائر
http://www1.albassair.org/modules.php?name=News&file=article&sid=611