بسم الله الرحمن الرحيم
من كتاب:
تزكية النفوس وتربيتها كما يقرره علماء السلف (ابن رجب الحنبلي – ابن القيم – أبي حامد الغزالي)، جمع وترتيب: الدكتور أحمد فريد، تحقيق ماجد بن أبي الليل، دار القلم بيروت لبنان.
بعض الآثار عن الإخلاص:
أسباب مرض القلب:
والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات والشبهات، فالأولى: توجب فساد القصد والإرادة، والثانية: توجب فساد العلم والاعتقاد.
عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير، عُودا عُودا، فأيُّ قلب أُشرِبها نُكتت فيه نكتة سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتّى تعود القلوب على قلبين: قلبٍ أسود مرباءً كالكوز مُجَخِّياً، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه، وقلبٍ أبيض لا تضرُّه فتنة ما دامت السّماوات والأرض) رواه مسلم.
فقسّم صلى الله عليه وسلم القلوبَ عند عرض الفتن عليها إلى قسمين:
01- قلب إذا عرضت عليه فتنة أشربها كما يشرب السّفنج الماء، فتنكت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتّى يسودّ وينتكس، وهو معنى قوله: (كالكوز مُجَخِّياً)، أي: مكبوتا منكوسا، فإذا اسودّ وانتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطران متراميان به إلى الهلاك، أحدهما: اشتباه المعروف عليه بالمنكر، فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، وربّما استحكم عليه هذا المرض حتّى يعتقد المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسُّنّة بدعة، والبدعة سنَّة، والحقّ باطلا، والباطل حقاًّ. الثاني تحكيمه هواه على ما جاء به الرّسول صلى الله عليه وسلّم وانقياده للهوى، وإتباعه له.
02- وقلب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان، وأزهر فيه مصباحه، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردّها، فازداد نوره وإشراقه. (ص: 30، 31).