يروى أن أعرابياً كان يسير على جمل له،
فخر الجمل ميتاً،
فنزل الأعرابي عنه،
وجعل يطوف به ويتفكر فيه،
ويقول:
ما لك لا تقوم؟
مالك لا تنبعث؟
هذه أعضاؤك كاملة!!
وجوارحك سالمة!!
ما شأنك؟
ما الذي كان يحملك؟
ما الذي صرعك؟
ما الذي عن الحركة منعك؟
ثم تركه وانصرف متعجباً من أمره،
متفكراً في شأنه!!
قال ابن السماك:
( بينما صياد في الدهر الأول يصطاد السمك،
إذ رمى بشبكته فيالبحر،
فخرج فيها جمجمة إنسان،
فجعل الصياد ينظر إليها ويبكي ويقول:
عزيز فلم تترك لعزك!!
غني فلم تترك لغناك!!
فقير فلم تترك لفقرك!!
جواد فلم تترك لجودك!!
شديد لم تترك لشدتك!!
عالم فلم تترك لعلمك!! ).
يردد هذا الكلام ويبكي.
اذكروا هاذم اللذات
أخي الكريم:
حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر الموت والإكثار منه،
فقال عليه الصلاة والسلام:
{أكثروا ذكر هاذم اللذات} [الترمذي وحسنه].
قال الإمام القرطبي:
"قال علماؤنا:
قوله عليه السلام:
{أكثروا ذكر هاذم اللذات}: كلام مختصر وجيز،
وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة،
فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة،
ومنعه من تمنيها في المستقبل،
وزهده فيما كان منها يؤمل،
ولكن النفوس الراكدة،
والقلوب الغافلة،
تحتاج إلى تطويل الوعاظ،
وتزويق الألفاظ،
وإلا ففي قولهعليه الصلاة والسلام:
{أكثروا ذكر هاذم اللذات}
مع قوله تعالى:
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ[آلعمران:185]،
ما يكفي السامع له،
ويشغل الناظر فيه".
ولقد أحسن من قال:
( اذكر الموت هاذم اللذات وتجهز لمصرع سوف يأتي ).
وقال غيره:
( اذكر الموت تجد راحة في ادكار الموت تقصير الأمل ).
أولئك الأكياس:
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
أتيت النبي عاشر عشرة،
فقام رجل من الأنصار فقال:
يا نبي الله!
من أكيس الناس وأحزم الناس؟
قال:
{أكثرهم ذكراً للموت،
وأكثرهم استعداداً للموت،
أولئك الأكياس،
ذهبوا بشرف الدنياوكرامة الآخرة}
[الطبراني وحسنه المنذري].