إن النحلة العاملة لا تجد وقتا للأحزان
حضرتني هذه المقولة بعد سماعي لنتائج شهادة التعليم الابتدائي دورة ماي 2010 ، و بعد إطلاعي على الفوارق البينة بين مقاطعة و أخرى ، بين مدرسة و أخرى ، بين قسم و آخر ، بين مادة و أخرى ، و بين معلم و آخر .. و ترتقي السلسلة إلى المدير و المفتش و المديرية .
هذه المقولة قد تصدق تمام الصدق مع أحداث هذا الموعد الهام من كل سنة دراسية لثلاثية المهتمين به من تلاميذ و معلمين و أولياء .
إن المشاعر السائدة في هذا المقام قد تكون مشاعر الابتهاج و الفرحة ، أو الأسف و الحسرة .
إن إسقاط عمل النحلة الشغيلة على مهام المعلم يبدو أنه الإسقاط الأسلم، فما لم يقم السيد المعلم بوظائف النحلة العاملة لن يصل أبدا إلى الإنتاج الثمين ، الصافي و الحلو ، .. كمنتوج العسل .
و لتوضيح المثل ما هي وظائف النحلة الشغيلة ؟ و كيف يمكن تركيبها على وظيفة المعلم؟
1-وظيفة التنظيف ، تنظيف الآثار السلبية لبقايا الضعف و النقص الحادث في مسار المتعلم خلال سنون دراسته الأربعة .
2- وظيفة الاحتضان ، احتضان التلميذ وتلبية حاجاته للتحصيل و النجاح.
3- وظيفة التخزين ، تخزين المعارف و المهارات و تجنيدها عند اللزوم من قبل المتعلم.
4 – وظيفة السارح ، سرح عقول التلاميذ و نفوسهم بين زهور المواد الأساسية و الطياران المستمر بين وحداتها و وضعياتها.
تلكم إخواني هي وظائف النحلة الشغيلة ، فهي بعملها الدؤوب المتفاني المسؤول لا تجد وقتا للأحزان لأنها تِؤدي كافة مهامها بدقة و إتقان .
في الأثناء التي تعلن فيها النتائج نلمس لدى المعنيين بالعملية التربوية ما يلي :-
1- فالتلميذ المجتهد يجد من الفرحة ما يغنيه عن الندم و التبرير و التسويف .
2- المعلم الجاد يجد ما يكافئ جهده وجهد زملائه المتعاقبين على قسمه ، طبعا ليس من الناس ، أو المسؤولين ، وإنما من رقيبه الأخلاقي ، من ضميره.
3- المدير المهتم يجد فخرا بترتيب مؤسسته و نسب نجاح أبنائه.
4- المفتش القائم على شؤون مقاطعته يشاهد الفلم من جديد على حد تعبير السيد مدير التربية ، بحلقاته الثلاث ، حلقات النتائج الفصلية و المعدل السنوي و نسب النجاح في الشهادة ، ..ومدى موضوعيتها و صدقها وثباتها و تميزها.
5- مديرية التربية تجد عدم تبريرها للاهتمام بالتعليمين المتوسط و الثانوي فقط من حيث التحليل و التكريم و العناية .. متسائلا بكل تحفظ هل يمكن لأحد أن يشتغل في مكتب مفتش بعد شهر جوان في مثل منطقتنا حيث تنعدم كل وسائل العمل ؟؟
في الأخير أقول لمن سميتهم يوما كموندوس المدارس الابتدائية الإخوة معلمي السنوات الخامسة :
*أنتم حماة ثغور المدارس ، ومنقذو تلامذتها من الرسوب و التسرب و الضياع..
*أنتم من يستحق أجر الجهاد ، وشكر العباد والثواب من الله يوم المعاد ..
*لكم مني و منا و منهم كل التحية ..
*فقد أنفقتم من المشاعر والأحاسيس (الحب ، و العطف ، و الشفقة ، و الغضب أحيانا ، و أخيرا الفرحة أو الحسرة) .
*فأنتم قبل أن تنفقوا من الأوقات و الجهود و حتى الأموال .. أنفقتم ما اغلى منها جميعا .
*أنفقتم من الوقت خاصة في حصص الدعم و المعالجة التربوية و أمسيات يوم الثلاثاء حيث لم يشتغل غيركم .. و لم ينفق منه ما أنفقتم ، و هذا واجبكم .
* أنفقتم من الجهد في سبيل تحصيل أفضل النتائج و أحسن المراتب ، و هذا واجبكم .
*أنفقم من المال من أجل نسخ المواضيع و تكريم الفائزين و تحفيز المتنافسين ..، و هذا ربما من واجبكم أيضا . معذرة لأن المدرسة الابتدائية لا تمتلك صفة الشخصية المعنوية و الاستقلال المالي ..
*حاولتم طيلة السنة الدراسية (و هنا تحضرني أسماء بعض المعلمين المتبرمين من حال من أسندوا إليهم من تلاميذ)حبس الحاجات في الصدور ، ولم تبيحوا إلا بحاجة واحدة هي أن يتفيأ أبناؤكم ظلال النجاح ، ويستنشقوا عبير العلامات ..
* لهذا إخواني كم عملتم و علمتم .
*اليوم تحية وشكر و تقدير و عرفان لكل من لم يشغل نفسه عما أخذ؟ ولكن عما أعطى؟ ، و وجه؟ ، كم علم؟، وأفاد ؟، ونصح.. ؟
* متسائلا : لعلي لم أخلص و أجرد نيتي ، لعلي لم أحسن طريقتي ، لعلي لم أعد خطتي ، لعلي لم أضبط تقويمي ، لعلي لم أقدر مسؤوليتي...
إخوتي الأفاضل تذكروا قبل أن تنسيكم عطلة الصيف أنكم برسالتكم تختلفون عن غيركم فالناس:
1-في متاجر الدنيا و أنتم في متجر الآخرة .
2- أرصدتهم في البنوك ، وأرصدتكم في القلوب .
3- يبنون مدائن التراب ، وأنتم تنبنون مدائن الفكر والقيم والآداب ..
نرجو في الأخير لنا و لكم كل السداد و التوفيق ، كما نرجو ألا تحزن نحالنا الشغيلة ، فترتفع نسب النجاح أيضا في شهادتي التعليم المتوسط و التعليم الثانوي.
25 جمادى الثانية 1431 الموافق لـ : 08/06/2010