موعظة
فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته،
وصعوبة كأسه ومرارته،
فيا للموت من وعد ماأصدقه،
ومن حاكم ما أعدله.
كفى بالموت مقرحاً للقلوب،
ومبكياً للعيون،
ومفرقاً للجماعات،
وهاذماً للذات،
وقاطعاً للأمنيات.
فيا جامع المال!
والمجتهد في البنيان!
ليس لك والله من مالك إلا الأكفان،
بل هيوالله للخراب والذهاب،
وجسمك للتراب والمآب،
فأين الذي جمعته من المال؟
هل أنقذك من الأهوال؟
كلا.. بل تركته إلى من لا يحمدك،
وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.
ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى: وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا[القصص:77]،
هو الكفن،
فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله:
وَابْتَغِ فِيمَاآتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ[القصص:77]،
أي
اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدارالآخرة وهي الجنة،
فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة،
لا في الطين والماء،
والتجبر والبغي،
فكأنهم قالوا:
لا تنس أن تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هوالكفن.
ونحو هذا قال الشاعر:
هي القناعة لا تبـغ بها بدلاً *** فيهــا النعيم وفيها راحــةالبدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل *** راح منها بغير القطن والكفن؟!
فيا أخي الحبيب:
أين استعدادك للموت وسكرته؟
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل *** راح منها بغير القطن والكفن؟!
فيا أخي الحبيب:
أين استعدادك للموت وسكرته؟
أين استعدادك للقبر وضمته؟
أين استعدادك للمنكر والنكير؟
أين استعدادك للقاء العلي القدير؟
وقال سعيد بن جبير:
( الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على اللهالمغفرة ).
تزود من التقوى فإنك لا تدري *** إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجى طول عمره *** وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجى طول عمره *** وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري